علمتني سورة

ما تحصده أجسادنا من الطاعات تحرقه ألسنتنا من الزلات.

« All Events

الاستعاذة بالله تعالى واللَّواذ به

الاستعاذة لغة:

قال القرطبي في مقدمة تفسيره: "معنى الاستعاذة في كلام العرب: الاستجارة والتحيُّز إلى الشيء، على معنى الامتناع به من المكروه، يقال: عُذْتُ بفلان واستعذت به، أي: لجأت إليه، وهو عياذي، أي: ملجئي، وأعذت غيري به وعوذته بمعنى [واحد]. ويقال: أعوذ بالله منك، أي: أعوذ بالله منك فرارًا من الشّر".

 

وشرعًا:

العوذ: الالتجاء إلى الغير والتعلُّق به. يقال: عاذ فلان بفلان، ومنه قوله تعالى: {أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} (البقرة/67)، {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} (الدخان/20)، {قل أعوذ برب} (الفلق/1).

 

ونصوص الاستعاذة والتعوذ في السنة كثيرة جدًّا، منها مثلًا:

- سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَنْبَشٍ: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ؟ قَالَ: جَاءَت الشَّيَاطِينُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَوْدِيَةِ وَتَحَدَّرَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْجِبَالِ، وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَرُعِبَ، قَالَ جَعْفَرٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: جَعَلَ يَتَأَخَّرُ، قَالَ: وَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْ، قَالَ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ، فَطَفِئَتْ نَارُ الشَّيَاطِينِ، وَهَزَمَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَل".[ أحمد والطبراني].

وفى مسلم عن عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ - ثَلَاثًا - وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ" -وهي الرقية-.

 

وقد قال بعض العلماء: إن الاستعاذة لها أربعة أركان:

الركن الأول: حقيقة الاستعاذة:

وهو أن يتوجه العبد وهو في معرض التعرض للآفات الدنيوية والأخروية والحرمان من الخيرات الدنيوية والأخروية، ويصل إلى درجة اليقين من أنه لا يستطيع دفع الضرر عن نفسه أو جلب الخير والمنفعة إليها، وأن الله قادر على دفع الضرر عنه.

الركن الثاني: المستعيذ:

وهو الشخص الذي يعي حقيقة الاستعاذة، ويلجأ إلى الله ويتضرع إليه بلسانه وحاله.

الركن الثالث: المستعاذ به:

وهو الله تبارك وتعالى الخالق البارئ، أو مَن جعله جل جلاله من الوسائط والوسائل التي أرادها سبحانه أسبابًا لإعاذة العباد، وهي كلمات الله التامات.

الركن الرابع: المستعاذ منه:

وهو الشيطان أو النفس الأمارة بالسوء أو أيُّ مصدر شر يستعيذ منه الإنسان ويلجأ إلى الله مُعلِنًا بذلك عجزَه عن دفع الضرر.

 

واللواذ: معناه الالتجاء طلبًا للخير والمنفعة، وألوذ بالله أي: أعتقد يقينًا بأن الله قادر على جلب الخير والمنفعة، فهو الكريم والجواد الرحيم.