لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار ملحوظ للأحاديث غير الصحيحة المنسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث يحاول واضعوها أن يجدوا أبوابًا معينة لتحليل وتحريم ما يرغبون، ونظرًا إلى الاستخدام الهائل للشبكة العنكبوتية، والتي أصبح البعض من خلالها يأخذ المعلومات دون التحقّق من صحتها، كان لا بد من التركيز على الأحاديث النبوية الشريفة المنقولة عنه – صلى الله عليه وسلم – من أجل أن تبقى تعاليم الإسلام وكيفية تنفيذها واضحة دون شوائب.
تعريف الحديث النبوي الشريف:
هو كل ما ورد عن النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – فعلًا أو قولًا أو تقريرًا أو وصفًا (خَلْقيًّا أو خُلُقيًّا)، وبعض الناس ينسبون ما يقوله الصحابة إلى الرسول – عليه الصلاة والسلام – على أنها أحاديث، وهذا خاطئ، ولهذا فقد خصَّص المحدّثون كلمة الحديث المرفوع للحديث النبوي الشريف الذي ينسب إلى الرسول الكريم، والحديث الموقوف لما ورد منسوبًا إلى الصحابة رضوان الله عنهم، وقد أطلقوا عليه هذا الاسم لأنه لم يرفع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم –، بينما أطلقوا الحديث المقطوع على ما ورد عن التابعين، سواء أكانوا صغارًا في العمر أم كبارًا.
ويتكون الحديث الشريف من "السند" و "المتن"، فالسند: هم رواة الحديث أو الطريق الذي يوصل إلى كلام الرسول – صلى الله عليه وسلم – أو فعله أو تقريره، والمتن: هو نص الحديث الذي يأتي بعد السند من قول أو فعل أو تقرير، فهو لُبُّ وجوهر الحديث، أي: المضمون.
أنواع الحديث النبوي الشريف:
أنواع الحديث من حيث الصحة والضعف:
- 1-الحديث الصحيح: ما اتصل سنده بنقل عن رجال كلهم عُدُول (جمع عادل) –أي: ثقات- من ابتداء السند إلى منتهاه دون شذوذ ولا علة.
- 2-الحديث الحسن: ما اتصل سنده بنقل عن رجال عدول ثقات من ابتداء السند إلى منتهاه دون شذوذ ولا علة (ولكن قد يكون عند بعض الرجال قلة ضبط فقط).
- 3-الحديث الضعيف: ما فقد شرطًا من شروط الصحيح أو الحسن.
أسباب ضعف الحديث:
- انقطاع سنده بأن يسقط بعض الرواة.
- أن يكون في سند الحديث راوٍ أو أكثر من الضعفاء، إما لضعف حفظهم أو الشك في صدقهم.
- أن يكون الحديث مخالفًا لما هو أقوى منه في الروايات الصحيحة.
- 4-الحديث الموضوع (أو المردود): هو المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تحل روايته إلا للتحذير منه وبيان أنه مكذوب.
ومن تقسيمات الحديث: (المتواتر والآحاد)
هو الحديث الذي رواه عدد كبير يستحيل معه اتفاقهم على الكذب، وهذا النوع من الأحاديث لا حاجة للبحث فيه عن رواته فهو مقبول كله.
2- آحاد:
وهو الذي لم تتحقق فيه شروط المتواتر، وينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ- مشهور: هو الذي رواه ثلاثة أو أكثر في كل طبقة، ولم يبلغ حدَّ التواتر.
ب- عزيز: هو الذي لم يَقِلَّ رُواتُه عن اثنين في كل طبقات السند.
ج- غريب: وهو الذي يرويه راوٍ واحدٌ فقط .
وحديث الآحاد -بأقسامه الثلاثة (المشهور والعزيز والغريب)- ينقسم من حيث قُوَّتُه وضَعْفُه إلى قسمين هما (المقبول والمردود).
أولا: المقبول: وهو الذي يُرجَّح فيه صِدْقُ راويه، وهو أربعة أنواع:
- 1-صحيح لذاته :وهو الذي يتصل سنده بنقل العَدْلِ الضابط عن مِثْله من أول سَنَدِهِ إلى مُنتَهاه، دون أن يكون فيه علة أو شذوذ.
- 2-حسن لذاته :وهو الذي يتصل سنده بنقل العدل الذي يخف ضبطه، عن مثله من أول سَنَدِهِ إلى منتهاه دون وجود علة أو شذوذ.
- 3-صحيح لغيره: وهو الحسن لذاته الذي روي من طريق آخر، سواء أكان مثله أم أقوى منه، وقد سمي صحيحًا لغيره لأن الصحة لم تنبع من هذا السند نفسه، وإنما كانت من انضمام غيره له.
- 4-حسن لغيره: الحسن لغيره هو الحديث الضعيف الذي تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضعفه أن الراوي فاسق أو كاذب.
ثانيا: المردود: وهو الحديث الذي لم يرجَّح صدق الشخص الذي رواه؛ لأنه يفقد شرطًا أو أكثر من شروط القبول التي سبق وذكرناها، والحديث المردود قد قسمه العلماء إلى أقسام كثيرة، منها ما أطلقوا عليه اسمًا خاصًّا، ومنها ما لم يطلقوا عليها اسمًا خاصًّا، بل سموها باسم عام، مثل الحديث الضعيف.
والأحاديث الضعيفة أنواع، وهي مقسمة أيضًا من حيث القوة والضعف إلى أقسام أو درجات، فهناك الضعيف، وهناك الواهي والمتروك...
كما يلحق بأقسام الحديث (الموضوع)، وهو الأحاديث التي ليس لها أي أساس من الصحة، وقد نسبت ظلمًا وزورًا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
- كيفية التأكد من صحة الحديث النبوي الشريف:
بالرجوع إلى أحد كتب الحديث المعتمدة، مثل: الموطأ للإمام مالك بن أنس الفقيه، والجامع الصحيح للإمام محمد بن إسماعيل البخاري، وصحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري، وهي موجودة في أغلب المكتبات في العالم، وعندما يريد أي شخص أن يبحث عن صحة حديث فإنه يجب أن يتأنى في بحثه، وإذا لجأ إلى الشبكة العنكبوتية فعليه أن يستخدم المواقع الإلكترونية الدقيقة والمثبت صدقها التي اختصت بتصنيف الأحاديث، حيث يمكن إدخال جزء من الحديث أو عنوانه أو موضوعه حسب نوع الموقع وسياسته المتّبعة، وهي طريقة سهلة وسريعة، ولكن يجب التأكد من القائمين عليها ومدى صحتها ودقتها، فقد تفتقر للدقة أحيانًا.
الأحاديث في صحيح البخاري:
صحيح البخاري يعدُّ أكثر كتب الحديث النبوي شهرة، بسبب الجهد الكبير الذي بذله الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في جمعه وتأليفه، واستمر في جهده هذا طوال ست عشرة سنة، قطع فيها آلاف الأميال من بلد إلى بلد حتى يسمع من الشيوخ والرواة ما في جعبتهم من الأحاديث، وكانت ثمرة جهده العظيم إخراج هذا الكتاب الذي لم ترد فيه إلا الأحاديث الصحيحة فقط، مستبعدًا الأحاديث الحسنة أو الضعيفة، فبدأ رحلة جمع الأحاديث الصحيحة بمنهج علمي واضح له شروطه وضوابطه التي تضمن عدمَ إخراج أي حديث غير صحيح، وقد بحث في سند الحديث ومتنه ورواته، ومن هذه الشروط التي تتعلق براوي الحديث: أن تتوافر فيه صفات العدالة والصدق والضبط، وعدم التدليس أو الخلط، وكذلك سلامة الاعتقاد.
- الحديث القدسي:
هو الكلام المنسوب إلى الله تعالى وليس في القرآن الكريم، وهو يختلف عن القرآن الكريم بأن القرآن الكريم لفظه ومعناه من عند الله تعالى، أما الحديث القدسي فلفظه من عند رسول الله– صلى الله عليه وسلم – ومعناه من عند الله تعالى.