علمتني سورة

ما تحصده أجسادنا من الطاعات تحرقه ألسنتنا من الزلات.

« All Events

الإيمان

بخطاب الله تعالى للمؤمنين بقوله جل من قائل: ﴿يا أيها الذين آمنوا... ﴾.

والإيمان مرتبة أعلى من مرتبة الإسلام؛ فقد يكون المرء مسلمًا ولكن لا يكون مؤمنًا حقيقة، قال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ الحجرات: 14.

 

معنى الإيمان لغةً واصطلاحًا:

الإيمان لغةً: التصديق، يقال: آمن فلانٌ بالفكرة، أي: صدّق بها واقتنع بها اقتناعًا نابعًا من قلبه، أما معنى الإيمان في الاصطلاح: فهو الاعتقاد القلبيُّ الجازم بالله تعالى، والتصديق بالرسالات السماوية، والملائكة، والكتب السماوية، ورسل الله، والتصديق باليوم الآخر، والقَدَرِ خَيرِهِ وشرِّه، وتلك أركان الإيمان.

وقيل في تعريف الإيمان: إنه تصديق بالجَنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان، فالمسلم لا يكتمل إيمانه حقيقة دون أن يؤمن بأركان الإيمان وأسسه، فلا يُقبَل من أحد أن يقول: إيماني عظيم، ثم تراه في سلوكياته وأفعاله بعيدًا كلّ البعد عن معاني الإسلام والإيمان؛ فمن صحّ إيمانه صحّ عمله.

إن الإيمان القلبي المزعوم الذي لا يترجم إلى أفعال على أرض الواقع وعمل وسلوك =لا فائدة منه البتة، فالكهرباء الساكنة في الطبيعة لا يدرك الإنسانُ أهميتَها وفائدتها ما لم يتم توصيلها في دائرة كهربائية.

 

بماذا نؤمن:

جاء في حديث سيدنا جبريل المشهور بيانٌ لما يجب أن نؤمن به، وهو أن نؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ونؤمن بالقدر خيره وشره، وهو ما عُرف بأركان الإيمان.

 

ما يستوجبه الإيمان:

- الإيمان بأن الله تعالى هو الخالق المدبِّر الرازق المحيي المميت، وأنه وحده سبحانه هو المستحق للعبادة والإنابة.

- الإيمان بالملائكة يفرض التصديقَ بكلِّ الملائكة الذين خلقهم الله سبحانه وتعالى ومحبتهم، دون تفريق بين أحد منهم.

- الإيمان بالرسل يقتضي التصديق بمَن أرسله الله تعالى واختصّه بالنبوة من البَشر، والإيمان بأنهم معصومون من الخطأ.

- الإيمان بالكتب السماوية يقتضي الإيمان بما أنزله الله من كتب سماوية وهي التوراة، والإنجيل، والزبور، والقرآن الكريم.

- الإيمان باليوم الآخر يقتضي التصديق بهذا اليوم الذي يجمع فيه اللهُ تعالى الخلائق للحساب.

- الإيمان بالقَدَر خيرِه وشرِّه يقتضي التصديق بقَدَرِ الله الكونيِّ وعِلمه الأزلي وقضائه العادل ومشيئته النافذة.

 

ملحوظة:

الإيمان يزيد وينقص، أي: يقوى ويضعف، وقد حذّر الله تعالى من الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض.

 

قوة المؤمن:

قال الدكتور محمد راتب النابلسي في هذا الموضوع:

المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، كنْ عضوًا في جمعية الأقوياء، ولا تكن رأسًا في قِطاع النِّعاج، قد تبدو ضعيفًا؛ لأنك قبلتَ أن تكون ضعيفًا، فعِشْ كما تريد، ولكن لا بد من أن تعلم أنه بإمكانك أن تصبح قويًّا، وأن تتعافى من شعورك بالضعف، إن الأقوياء بالحق هم السعداء، والضعفاء بالباطل هم التعساء! واعلم يقينًا أن الشيء الذي لا تستطيعه هو الشيء الذي لا تريد أن تكونه، القوة مطلَبٌ أساسٌ، وإلا فلا قيمة للحياة دون قوة، إن القوة مصدر للثقة، والثقة لا توجد إلا في قلوب الأقوياء، وإذا أردت القوة الحقيقية فابحث عن قوة لا تحتاج إلى غيرها، إنها قوّة الله عز وجل.

إن الجُبْنَ والخَوَرَ والاستكانة والاستسلام والانهزامية والذّل وجميع المفردات في قاموس الضعف =مرفوضة في حياة الأقوياء؛ فأنت كائن لم تُخلق لتكون مسلوبَ الإرادة، باردَ الهمّة، تأمَّلْ دعاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهمَّ إِني أَعوذُ بِكَ مِنَ العَجزِ والكَسَل، والجُبْن والبُخلِ، وغَلَبَةِ الدَّيْنِ، وقَهْرِ الرِّجال". عليك ألَّا تتردَّد لحظة في الانتساب "لعضوية نادي الأقوياء"؛ فلديك عملاق ينام بين جنبيك، فابحث عنه حتى لا تموت وأنت تعيش بين الأحياء!

تأمَّلْ في البعوضة: إنها لا تبدو بالنسبة إليك شيئًا مذكورًا، لكنها أقوى منك، حينما تُصِرُّ البعوضةُ -من دون كَلَلٍ أو ملل- في البحث عن منفذ في جلدك، لكن السؤال المهّم في هذا الموضوع، كيف نبحث عن القوة ونحن ضعفاء؟