1- ﻳﺮﻛﺰ اﻻﺳﺘﺸﺮاق ﻓﻲ وسائله ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻛﺎﻟﺒﺤﺚ والكتاب والمقال والندوة واﻟﻤﺆﺗﻤﺮ والمحاضرة، ﻓﻨﺸﺎﻃﻪ ﻋﻠﻤﻲ وﺑﺤﺜﻲ، ﻣﺠﺎﻟﻪ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﺳﻼمية ﺑﻔﺮوﻋﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻓﻘﺪ ﺗﺠﺪ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﻤﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻨﺤﻮ أو اﻟﺘﺎرﻳﺦ أو اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ أو ﻋﻠﻮم اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﺘﺼﻮف... إلخ أما اﻟﺘﺒﺸﻴﺮ ﻓﻐﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺮﻛِّﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻣﺆﺛﺮة ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاﻓﻪ، ﻣﺜﻞ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت واﻟﻤﻼﺟﺊ واﻟﻨﻮادي واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ.
2- ﻳﺮﻛﺰ اﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗون ﻓﻲ ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ اﻟﻤﺜﻘﻒ ﺑﻌﺪ اﻛﺘﺸاف ﻣﻴﻮﻟﻪ والتعرف ﻋﻠﻰ ﻣﺰاﺟﻪ اﻟﻨﻔﺴﻲ، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، ووﺳﻴﻠﺘﻬﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﻤﻘﺎل واﻟﻨﺪوة واﻟﺼﺪاﻗﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻊ ﻛﺒﺎر اﻟﻤﺴؤﻮﻟﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻘﺮار اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ، واﻟﻌﺎﺋﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺜﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ بأوروبا، وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺆﺗﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺼﺪاﻗﺎت ﺛﻤﺎرها ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ أهداف اﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﻴﻦ، وﻟﻌﻞ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻤﺆﺛﺮة ﺛﻘﺎﻓﻴًّﺎ ﻓﻲ وﻃﻨﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻟﻨﺎ ﺻﺪق ﻫﺬﻩ اﻟﻘﻀﻴﺔ، ﻓﻤﻌﻈﻢ اﻟﻌﺎﺋﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺜﺎت -ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ- ﻳﺘﺒﻮؤون ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼدﻫﻢ، وﻣﻦ ﻣﻮﻗﻌﻬﻢ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻳﻤﻠﻜﻮن اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار وﺗﻨﻔﻴﺬﻩ.
أما اﻟﻤﺒﺸﺮون ﻓﻴﺮﻛﺰون ﻓﻲ ﺧﻄﺎﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻟﻔﻘﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺣﻆَّ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ أو اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ؛ ﻟﺘﺴﺪ رﻣﻘﻬﺎ وتروى ﻇﻤﺄﻫﺎ، واﻟﻄﺮﻳﻖ لمخاطبة اﻟﻔﻘﻴﺮ واﻟﺠﺎﺋﻊ ﻫﻮ ﻟﻘﻤﺔ اﻟﻌﻴﺶ وﺣﻔﻨﺔ اﻟﻤﺎل.
3- ﻻ ﻳﻠﺠﺄ اﻟﻤﺒﺸﺮ إلى اﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﺑﻄﺮﻳﻖ ﻣﺒﺎﺷﺮ، وإنما ﻳﺒﺪأ ﺣﻮارﻩ ﻣﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻐﻠﻪ واﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﻀﻌﻒ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ، ﻋﻜﺲ اﻟﻤﺴﺘﺸﺮق ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻠﺠﺄ ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ اﻹﺳﻼم ومن اﻟﺮﺳﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ وﺻﺮﻳﺢ، ﻓﻴﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﻧﺒﻮة اﻟﺮﺳﻮل واﻟﻘﺮآن وﻳﺜﻴﺮ اﻟﻤﺸﻜﻼت.
من كتاب: الاستشراق والتبشير.